كتبت كريستينا ماكدونالد عن الصعوبة التي يواجهها كثيرون في قول “لا”، خصوصاً أمام ذلك المدير المتسلّط أو الشخص الذي يحمّل الآخرين عبء أزماته ثم يختفي. رأت الكاتبة أن القدرة على تحديد الحدود ترتبط بالثقة والمسؤولية الذاتية، وأنها مهارة تتطلب تدريباً ومثابرة حتى تتجذر داخل الإنسان.

شرحت الكاتبة كيف يعيش البعض داخل دوائر مرهقة من إرضاء الآخرين، فيشعرون بأنهم متاحون على الدوام لحل المشكلات التي ليست مشكلاتهم. واعتبرت أن هذا النمط يخلق علاقة مختلة، خاصة مع الشخص النرجسي الذي يرى الآخرين امتداداً لاحتياجاته لا أشخاصاً مستقلين. أشارت إلى أن بناء الحدود ليس مواجهة عدائية، بل ممارسة تعيد للمرء ملكيته لنفسه ووقته وطاقته.


١. قول كلمة “لا” بصوت مسموع

شرحت الكاتبة أول خطوة: ممارسة قول “لا”. رأت أن البساطة الظاهرة تخدع، لأن الكلمة تحمل وزناً نفسياً عند من يخشى الرفض أو يريد إرضاء الجميع. شرحت أن الجسد قد يستجيب بالكآبة أو التوتر حين ينطق الإنسان بـ“لا” للمرة الأولى، كأن الصوت يهدد صورة الذات. لذلك دعت إلى تدريب النفس على النطق بالكلمة بصوت واضح، سواء أمام المرآة أو عبر تخيّل مواقف مختلفة. يساعد هذا التدريب الشخص على تخفيف شعور الذنب، وعلى تخليص الدماغ من تلك الاستجابة التلقائية التي تربطه بالرضوخ. ومع الوقت، يصبح قول “لا” مجرّد تصريح طبيعي للرغبة وحدود الطاقة.


٢. تقليل التواجد أمام من يستغلّك

ركّزت الكاتبة على الشخص الذي يطلب المساعدة دائماً، ويغيب فور أن يأخذ ما يريد. شرحت أن النرجسي يستخدم هذا الأسلوب كآلية للسيطرة، وأنه يختبر حدود الآخرين عبر طلبات متكررة، عاطفية أو عملية. ولأن بعض الناس يخلطون بين التعاطف والواجب، يندفعون إلى تقديم كل ما يملكون. ترى الكاتبة أن الحل يبدأ بتقليل الوجود حول هذا الشخص: تأخير الرد على الرسائل، عدم القفز مباشرة إلى حل المشكلة، وعدم تخصيص وقت طارئ لكل طلب. لا يعني ذلك تجاهل الآخرين كلياً، بل يعني حماية الذات من العلاقة التي تستهلك أكثر مما تعطي. وأشارت إلى أن النرجسي، حين يلحظ أن ضحيته لم تعد مفتوحة على الدوام، يتراجع أو يبحث عن هدف آخر، وهو ما يعيد التوازن لمن كان يعيش في دائرة الاستنزاف.


٣. إدراك القيمة الذاتية قبل أي علاقة

أوضحت الكاتبة أن الحدود لا تُبنى من الخارج فقط، بل من الداخل أولاً. يبدأ الإنسان بإدراك قيمته الشخصية، ومعرفة أن احترامه لذاته ينعكس على طريقة تعامل الآخرين معه. ترى الكاتبة أن العلاقات مع النرجسي تربك هذا الإدراك، لأن الشخص النرجسي يفرض سردية تجعل الطرف الآخر يشعر بأنه دائماً مقصّر. يزرع شعور الذنب، ويصنع اعتماداً عاطفياً عبر المدح والانتقاد في دورة مستمرة. لذلك نصحت بأن يستعيد الإنسان تعريفه لنفسه بعيداً عن رأي النرجسي: ما الذي يريده؟ ما الذي يسمح به؟ ما الذي يرفضه؟ عندما تصبح هذه الأسئلة واضحة، تصبح الحدود تلقائية، ويبدأ العقل في توقّع محاولات التلاعب قبل حدوثها.

ولأن الكاتبة تخاطب أشخاصاً أنهكتهم العلاقات السامة، أكدت أن بناء الحدود ليس فعلاً قاسياً ولا عقابياً، بل ممارسة ضرورية لشفاء النفس. يعطي هذا الفعل شعوراً جديداً بالسلام، لأن الإنسان يتعامل مع العالم بوضوح، لا بردود فعل مشتتة أو خوف دائم من الصراع.

مسار طويل… لكنه ممكن

اختتمت الكاتبة رؤيتها بالقول إن التعامل مع النرجسي يشبه السير في حقل ألغام عاطفي، لكن اكتساب مهارة الحدود يحوّل المسار إلى أرض صلبة. أوضحت أن الممارسة اليومية تغيّر الطريقة التي يفكّر بها العقل حول ذاته وحول الآخرين، وأن قول “لا” في اللحظة المناسبة يصنع فرقاً هائلاً في جودة الحياة. رأت أيضاً أن الحدود تحمي العلاقات الصحية، لأنها تخلق مساحة للتعامل القائم على الاحترام المتبادل، لا على الاستنزاف.

تؤكد الكاتبة أن حدود اليوم تصبح راحة الغد، وأن الإنسان حين يختار نفسه مرة، يختارها ألف مرة بعدها، بلا خوف وبلا اعتذار.


https://medium.com/blog-bites/five-slightly-unconventional-ways-to-build-boundaries-like-a-boss-413eba995626